يخوضون معركة دبلوماسية وسياسية وقانونية

الفلسطينيون يخوضون معركة دبلوماسية وسياسية وقانونية لوقف تطبيق خطة ترامب

  • الفلسطينيون يخوضون معركة دبلوماسية وسياسية وقانونية لوقف تطبيق خطة ترامب

اخرى قبل 4 سنة

الفلسطينيون يخوضون معركة دبلوماسية وسياسية وقانونية لوقف تطبيق خطة ترامب

محمد الأحمد

بدأ الفلسطينيون معركة دبلوماسية وسياسية وقانونية وأخلاقية على الساحات الدولية والأوروبية والاسلامية والافريقية والعربية والمحلية لمواجهة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي ترمي إلى السماح لإسرائيل بضم أجزاء واسعة وبالغة الأهمية من الضفة الغربية، مثل القدس وكامل المنطقة الشرقية الغنية بالموارد المائية والزراعية، والمنطقة الغربية المزروعة بالمستوطنات ومناطق أخرى في شمال ووسط وجنوب الضفة، لكنهم يواجهون صعوبات كبيرة في ذلك.

ويخشى الفلسطينيون أن توفر الولايات المتحدة الأمريكية غطاء سياسيا كبيرا لتمكين الحكومة الإسرائيلية من ضم هذه المناطق، الأمر الذي يؤدي إلى تحويل التجمعات السكانية الفلسطينية إلى معازل شبيهة بـ”الباندستونات” في جنوب افريقيا ابان نظام الفصل العنصري.

وقدمت السلطة الفلسطينية مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي بواسطة تونس وإندونيسيا، العضوين غير الدائمين في المجلس، يطالب الولايات المتحدة بالتراجع عن خطتها التي تتناقض مع قرارات الأمم المتحدة بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي و”تقوض حقوق” الشعب الفلسطيني و”تطلعاته الوطنية” بما في ذلك تقرير المصير والاستقلال.

ويصف القرار الخطة بانها “تنتهك القانون الدولي”. وقال سفير فلسطين لدى الأمم المتحدة الدكتور رياض منصور إن الرئيس محمود عباس سيصل إلى نيويورك الأسبوع المقبل لإلقاء كلمة في مجلس الأمن الدولي في الحادي عشر من الشهر الجاري. وقال إن الرئيس عباس سيعيد مبادرة للسلام، طرحها في وقت سابق، وتقوم على استئناف المفاوضات على أساس حدود العام 1967.

ويتضمن مشروع القرار الفلسطيني دعوة مجلس الأمن الدولي لتأكيد تمسكه الثابت بحل الدولتين على أساس حدود 1967 ودعوة جميع الدول إلى الامتثال لقراراته، بما فيها المتعلقة بمدينة القدس، وعدم الاعتراف بأي إجراءات أو تدابير مخالفة للقرارات الدولية بهذا الخصوص.

لكن المؤكد ان الولايات المتحدة الأمريكية ستستخدم حق النقض “الفيتو” ضد مشروع القرار.

وقال رياض منصور إن المهم بالنسبة للفلسطينيين هو الحصول على أكبر تصويت ممكن في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار، مشيرا إلى ان الفريق الفلسطيني يعمل على إجراء مشاورات واسعة مع أعضاء المجلس بهذا الشأن.

ويشكل مشروع القرار الفلسطيني المقدم إلى مجلس الأمن صورة عن قاعدة التحرك الدبلوماسي الفلسطيني المقبل الرامي منع إسرائيل من ضم أراضي الضفة الغربية. وقال مسؤولون فلسطينيون إن التحرك في المرحلة التالية يرمي إلى الحصول على اعتراف عدد من الدول الأوروبية المهمة بدولة فلسطين على حدود العام 67.

ورفض الاتحاد الأوروبي خطة ترامب معتبرا انها ابتعدت عن القرارات الدولية. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني إن الرسالة الفلسطينية الموجهة إلى هذه الدول هي: طالما انكم تعترفون بحل الدولتين، وتعتبرونه المخرج الوحيد للصراع، وأنكم تعترفون بإسرائيل، فلماذا لا تعترفون بالدولة الأخرى وهي فلسطين؟”.

ويتوقع أن يقدم الفلسطينيون مشروع القرار إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في حال استخدام الولايات المتحدة حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن. وتضم الجمعية 193 دولة وصوتت 138 دولة عام 2012 لصالح الاعتراف بدولة فلسطين على حدود العام 67 والقدس الشرقية عاصمة لها.

 

ويشمل التحرك الفلسطيني الحصول على قرارات رافضة لخطة ترامب من مؤتمرات الدول الإسلامية والافريقية والعربية.

وعلى الصعيد المحلي يتوقع ان تجرى لقاءات بين حركتي “فتح” و”حماس” لبحث تحييد الخلافات الداخلية وتوحيد الجهود الوطنية في مواجهة المشروع الأمريكي الذي يعد الفصل الأخطر في التاريخ الفلسطيني.

وعقد الرئيس محمود عباس سلسلة لقاءات مع قادة فصائل منظمة التحرير وقادة حركة “فتح” وأجهزة الأمن وأعضاء الحكومة لبحث سبل التصدي لصفقة القرن.

وأبلغ القادة الفلسطينيين بأنه سيوقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل خاصة اتفاقية التعاون الأمني في حال قيامها بضم أجزاء من الضفة الغربية.

لكن السلطة الفلسطينية تواجه تحديات كبيرة في تحركها الدبلوماسي. فالإدارة الأمريكية تمارس ضغوطا على دول عربية وإسلامية وأوروبية من أجل دعم الخطة، أو عدم اتخاذ موقف سلبي منها على الأقل.

وأظهرت سلسلة التطورات اللاحقة لإعلان الخطة ان الضغوط والمغريات الأمريكية تشكل تأثيرا على مواقف عدد من الدول العربية. ومن ذلك اللقاء الذي عقد بين رئيس المجلس السيادي السوداني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اوغندا والذي تمخض عن قرار سوداني بالسماح للطائرات المدنية الإسرائيلية استخدام المجال الجوي السوداني.

وكشفت وسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية معروفة أنباء عن مساهمة دول عربية أخرى في عقد اللقاء بين الزعيمين السوداني والإسرائيلي.

ورغم الرفض العربي الرسمي للخطة، إلا أن عددا من الدول العربية اتخذت مواقف وسطية منها داعية الطرفين إلى دراساتها.

ومحليا، ما زال الصراع المرير على السلطة بين حركتي “فتح” و”حماس” يعيق التوصل إلى اتفاق لإنهاء الانقسام ومواجهة الخطة الأمريكية على خطورتها الشديدة.

وتواجه السلطة الفلسطينية صعوبات جدية في وقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع إسرائيل خاصة التعاون الأمني والاقتصادي.

ويقول مسؤولون فلسطينيون أن الرئيس عباس سيستخدم كل ما لديه من أوراق في المعركة المقبلة خاصة الأمنية مشيرين إلى أهمية التعاون الأمني الذي تبديه السلطة مع الجانبين الأمريكي والإسرائيلي.

وكان الرئيس محمود عباس أشار في كلمته أمام مجلس الجامعة العربية في القاهرة، الأسبوع الماضي، إلى أن المعلومات التي قدمتها السلطة الفلسطينية لكل من أمريكا وإسرائيل، لا يمكن لأحد آخر ان يقدمها، مؤكدا ان استمرار الدور الأمني مرهون بوجود سياق سياسي.

وقال مسؤول أمني رفيع إن السلطة الفلسطينية جزء من حرب الغرب على الإرهاب، وأن الرئيس عباس أراد تذكير الجانبين الأمريكي والإسرائيلي ان لهذا الدور ثمنا سياسيا، وبدونه لا يمكن أن يستمر.

وعقد وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ اجتماعا مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون في اليوم التالي لإعلان الرئيس الأمريكي عن مشروعه، وأبلغه قرار السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل في حال قيامها بضم أجزاء من الضفة الغربية.

 

وقررت مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية (المجلسين المركزي والوطني) وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل في قرارين اتخذا في العامين 2015 و2017 لكن السلطة الفلسطينية لم تنفذ القرار.

وقال مسؤول فلسطيني رفيع أن قرار وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل خطوة استراتيجية لا يمكن تنفيذها إلا في حال تغيير قواعد العلاقة معها بصورة كلية.

وأضاف: “وقف التنسيق الأمني قد يقود إلى حدوث مواجهات مسلحة، وهذا قد يؤدي إلى انهيار السلطة، لذلك لا يمكن تنفيذه إلا في حال واحدة هو تغيير كل قواعد العلاقة بين الجانبين”.

ومضى يقول: “كيف يعمل التنسيق الأمني؟ في حال قيام الجيش الإسرائيلي بدخول إحدى مناطق السلطة، وهو أمر يحدث كل ليلة، فالجانب الإسرائيلي يبلغ السلطة بموعد الدخول من أجل سحب كل رجال الشرطة من الشوارع، وفي حال توقف ذلك فإن رجل الشرطة المسلح قد يصطدم مع الجندي الإسرائيلي المسلح في أي ميدان وسط أي مدينة، ما يؤدي إلى حدوث انهيار في المنظومة الأمنية”.

ويشمل التنسيق الأمني أيضا تحرك موكب الرئيس محمود عباس من بيته إلى مكتبه في مدينة رام الله، وسفره إلى الخارج. ويتألف الموكب الذي يتحرك أربع مرات يوميا، في الصباح والمساء، من حوالي عشر سيارات من الأمن والشرطة. ويجري إبلاغ الجانب الإسرائيلي في كل مرة يتحرك فيها الموكب بموعد تحركه لضمان عدم حدوث أي تعارض قد يؤدي إلى وقف الموكب من قبل دورية عسكرية إسرائيلية.

ويجري أحيانا تأخر عودة الرئيس إلى بيته أو مكتبه بسبب وجود تحرك لقوات الجيش الإسرائيلي في المنطقة.

ويجري تعاون أمني بين السلطة وإسرائيل، أيضا، لمواجهة مجموعات إسلامية مسلحة تخشى السلطة ان يؤدي عملها إلى حدوث انهيار وفوضى أمنية تقود إلى تقويض السلطة كما جرى في قطاع غزة عام 2007 لدى استيلاء حركة “حماس” عليها بالقوة المسلحة.

أما التنسيق المدني فيشمل التعاون في سجلات المواليد والوفيات وإصدار بطاقات الهوية وجوازات السفر.

وحاولت السلطة تغيير اسمها على جوازات السفر من السلطة الفلسطينية إلى دولة فلسطين، لكن الجانب الإسرائيلي هدد بعدم التعامل مع أي جواز سفر يحمل هذا الاسم، ما أدى إلى تراجع السلطة خشية منع حملة جواز السفر من المرور لدى سفرهم خارج البلاد.

وقررت مؤسسات منظمة التحرير وقف تنفيذ الاتفاق الاقتصادي مع إسرائيل الذي يضع الأراضي الفلسطينية ضمن الغلاف الجمركي الإسرائيلي، لكن السلطة لم تتمكن من تنفيذ القرار لأن إسرائيل تمتلك اليد العليا في التطبيق بسبب سيطرتها على حركة السلع والأفراد عبر المعابر الخارجية.

وتجمع إسرائيل الايرادات الجمركية عن البضائع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية وتحولها إلى السلطة نهاية كل شهر ما يجعل السلطة مضطرة لقبول ذلك.

ويطالب كثير من الفلسطينيين بسحب الاعتراف بدولة إسرائيل ووقف التنسيق الأمني معها. لكن مقربين من الرئيس محمود عباس يقولون إن تنفيذ مثل هذه القرارات يأتي في حال اتخاذ قرار بالمواجهة، بما يتضمنه من مغامرة انهيار السلطة.

وقال احد المسؤولين: “في حال قيام اسرائيل بضم  الاغوار والمستوطنات لا يمكننا ان نستمر بالعمل بالاتفاقات، الأمنية والمدنية والاقتصادية”. واضاف: “حتى لو اردنا فان شعبنا لن يقبل، لذلك سنكون امام عهد جديد مختلف لا احد يعرف ماذا سيتمخض عنه”.

ويرى كثير من المراقبين بان الدعم الأمريكي غير المسبوق لإسرائيل، وضعف الدور الاوروبي في المنطقة، وضعف الدول العربية وتناغم بعضها مع قادة البيت الأبيض، يوفر فرصة تاريخية لإسرائيل للقيام بضم اجزاء واسعة من الاراضي الفلسطينية المحتلة.

ويرى البعض ان السلطة الفلسطينية لن تتمكن من وقف العمل بالاتفاقات مع اسرائيل  لان الاخيرة تحتفظ بمفاتيح الحركة اليومية للافراد والسلع في الاراضي الفلسطينية.

 

التعليقات على خبر: الفلسطينيون يخوضون معركة دبلوماسية وسياسية وقانونية لوقف تطبيق خطة ترامب

حمل التطبيق الأن